ترمب يهاجم الاحتياطي الفيدرالي- صراع حول أسعار الفائدة واستقرار الاقتصاد

المؤلف: محمد صديق (القاهرة)09.21.2025
ترمب يهاجم الاحتياطي الفيدرالي- صراع حول أسعار الفائدة واستقرار الاقتصاد

صعّد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب من حدة انتقاداته الموجهة إلى الاحتياطي الفيدرالي ورئيسه جيروم باول، حيث أرسل إليه في الأسبوع المنصرم رسالة خطية يطالبه فيها بإجراء تخفيضات جوهرية في أسعار الفائدة، متهماً إياه بتحميل الولايات المتحدة خسائر مالية فادحة.

وقد نعته ترمب بصفة "متأخر جداً"، وهي إشارة واضحة إلى تأخره في اتخاذ قرارات خفض الفائدة التي يعتبرها أساسية لإنعاش الاقتصاد الوطني.

يأتي هذا التصعيد الملحوظ في خضم التوترات الاقتصادية المتصاعدة الناجمة عن الحرب التجارية التي يقودها ترمب بنفسه.

ففي شهر أبريل الفائت، أدى إعلانه المفاجئ عن فرض رسوم جمركية باهظة إلى انخفاض حاد ومفاجئ في سوق الأوراق المالية، قبل أن ينتعش بشكل تدريجي عقب تخفيف هذه الرسوم المثيرة للجدل.

ويرى ترمب أن خفض أسعار الفائدة من شأنه أن يحفز الاستثمارات ويعزز النشاط الاقتصادي المتنامي، خاصة في ظل التكاليف الباهظة للاقتراض التي تؤثر بشكل ملحوظ على الرهون العقارية والقروض التجارية وديون بطاقات الائتمان، والتي شهدت تباطؤاً ملحوظاً بسبب أسعار الفائدة المرتفعة التي تمسك بها الاحتياطي الفيدرالي خلال السنوات الأخيرة.

وعلى الرغم من هجمات ترمب الشخصية غير المسبوقة على باول، والتي بلغت ذروتها بالتهديدات بإقالته من منصبه الرفيع، يؤكد الخبراء الاقتصاديون، وفقاً لما ذكرته صحيفة "الغارديان" المرموقة، أن استقلالية الاحتياطي الفيدرالي تحد بشكل كبير من قدرة ترمب على التأثير المباشر على قراراته المصيرية في المدى القصير.

ويعتبر الاحتياطي الفيدرالي مؤسسة مستقلة وغير حزبية في صميم الهيكل الحكومي الأمريكي، وهو ما يوفر حماية قوية للاقتصاد من التدخلات السياسية المباشرة التي قد تعرقل مساره.

وفي هذا الصدد، صرح المستشار الاقتصادي السابق للرئيس باراك أوباما، جيسون فورمان، قائلاً: "إن استقلالية البنك المركزي هي واحدة من الأمور النادرة التي يتفق عليها جميع الاقتصاديين تقريباً، حيث تعتبر ميزة جوهرية ومضمونة للاقتصاد".

ويحذر الاقتصاديون من أن الضغط السياسي المتزايد على الاحتياطي الفيدرالي قد يقوض مصداقيته الراسخة ويؤدي إلى عدم استقرار اقتصادي طويل الأمد، حتى لو كان خفض الفائدة قد يحقق مكاسب مؤقتة من خلال تحفيز الاستثمار وتعزيز النمو.

وفي الوقت نفسه، يواجه المستهلكون وأصحاب الأعمال مخاوف متزايدة بشأن مستقبل الاقتصاد، خاصة في ظل التقلبات الشديدة التي شهدتها الأسواق المالية نتيجة السياسات التجارية التي يتبناها ترمب.

ومع استمرار ترمب في توجيه انتقاداته الحادة إلى الاحتياطي الفيدرالي، يراقب المستثمرون والاقتصاديون عن كثب التأثيرات المحتملة لهذا الصراع على استقرار الاقتصاد الأمريكي بأكمله. وبينما توفر استقلالية الاحتياطي الفيدرالي درعاً واقياً ضد التدخلات السياسية المباشرة، فإن التوتر المستمر والمتصاعد قد يثير تساؤلات مشروعة حول قدرة المؤسسة على الحفاظ على سياساتها النقدية والاقتصادية في مواجهة ضغوط غير مسبوقة من البيت الأبيض.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة